الثلاثاء، أكتوبر 20، 2009

وداعا أيها الياهو

ما فائدة الصديق أذا لم تجده عندما تكون في امس الحاجة له، أو أن يسأل عليك بين الفينة والأخرى، أو ان يحسسك ولو بكلمة انه مهتم بك.. أصبح وجوده كعدمه, بل ان عدمه أفضل.حيث عندما تجد اسمه محشور مع البقية الباقية في قائمة الياهو ماسنجر يثير في نفسك السخط كلما لاح لك اسمه, تتعجب كيف استطاع ان ينسى وبسهولة تلك الايام الطويلة والجميلة والصعبة والمفرحة والحزينة.... أيام كانت تجمعك به أثناء الدراسة في الكلية , رغم صعوبة ما كنا نتناوله من مواد دراسية في الهندسة الكهربائية ,الا اننا نعوض عنها بفرح وضحك دائم لأتفه الاسباب في ما نتناوله من طعام وشراب في نادي الكلية.. لم أكن اصطحب غيره , لأنني لا افكر بذلك , فهو يشغل لي كل وقتي وتنسجم افكاره وطباعه معي كليا. رافقني في الكلية طيلة سنوات الدراسة ,كنا دائما في نفس الفصل ونجلس جنبا الى جنب. أنا أحب تخصصي في الدراسة أكثر منه , وهو يحب الكلام والضحك اكثر مني , ومع هذا فلا هو يؤثر علي في رغبتي لسماع المحاضرة والتمتع بها, ولا أنا أحرمه من الإصغاء اليه عندما يريد الكلام لينتقد الاستاذ أو طالب جالس هناك أو طالبة تثير فضوله.. كنا متفاهمين على كل شيء ولم تحدث مشكلة واحدة بيننا طيلة صحبتنا. في الصباح نلتقي في الكلية , وفي المساء نلتقي ونتجول في الشوارع , وعند الامتحانات أقرأ معه في بيته وفي بعد منتصف الليل يقودنا الجوع الى أحد المطاعم الشعبية . قوميتنا مختلفة ومذهبنا في الإسلام مختلف ولكنه اقرب الي من أخي .يشاركني أحزاني وافراحي , واشاركه كل مناسباته.. تخرجنا نحن الجيل الضائع بين مغامرات وحروب صدام , وبين الحصار الركض وراء لقمة العيش..عملنا في نفس المهنة وعانينا نفس المعاناة, ولكن وجودنا معا يهون علينا كل شيء, فنحن دائما سعداء , نضحك في أشد الظروف قسوة, ونستهين من أعظم الهموم بأسا. سافرت انا بسبب ظروف الحصار التي كانت تخنق كل العراقيين الى أقرب بلد عربي للعراق, عملت فيه لأقل من ستة شهور ودعوته للالتحاق بي . غيرت بلد هجرتي الى غرب الوطن العربي , ليلتحق بي بعد أقل من سنة. كم أحسست بحرارة الشوق عندما قابلته وحضنته, فأنا لم اتعود فراقه هذه الفترة.. عملنا في نفس البلد, رغم بعد مكان عملنا بمئات الكيلو مترات عن بعض ,لاكننا نلتقي في كل مناسبة... رجع صديقي الى وطنه الام العراق وبقيت انا. إنقطعت اخباره عني , ولم تكن في ذلك الوقت الاتصالات متوفرة وسهلة . لم أكن الومه لأنني أعرف الوضع , ولكنني فوجئت أنه لم يزر أهلي وأخواني إلا مرة واحدة , ولم يتصل بي أطلاقا رغم محاولاتي الاتصال باهله واتحدث اليهم ولاكنه لم يكن موجودا في ذلك الوقت بقربهم لاكلمه, ولم تكن موجودة في حينها الهواتف الخلوية.. بعد سنتين, كلمته وعاتبته بشدة, وأتفقنا أن يكون الياهو ماسنجر هو طريق الوصل بيننا... رسائله قليلة وكلماته محدودة, اسلوبه بارد , يزعل مني لأتفه الاسباب . تمر الاشهر ولا اجد منه سؤالا أو جوابا لسؤال. أصبحت رسائله القصيرة تطل علي في الاعياد فقط . مر عيدان ولم يجيبني على تهنئتي له بهما. قابلت صدفة صديق عنوانه على الكوكول, أعجبني فيه حرارة العواطف, والاخلاص في المراسلة , والكتابة لي دائما وعدم الانقطاع. فأنا اتوقع ان اجد منه أكثر من رسالتين كل اسبوع، يفرحني كثيرا عندما يسألني عن صحتي وعن عملي. قال لي لماذا لا تفتح لك عنوان على الكوكل وتترك الياهو، باديء لم أستسغ طلبه، كيف لي ان اترك صفحة لي قد سطرت فيها الكثير من الاصدقاء وعلى رأسهم صديق عمري. وأنشأت لي حساب على كوكل، لكنني مستمر على فتح الياهو. لكن لا أجد الا أسماء بلا حياة, دائما متجهمين، دائما اوف لاين. أغلبهم كانوا معي في غربتي. لماذا نسوني؟؟ اصبح الكوكول صديقي، أفتحه لاقرأ ما فيه من صديقي، فأطفأ الجهاز وأنسى ان أفتح عنواني القديم .حاولت ان أعيد تشغيل جهازي لأتصفحه , لكنني استخسرته فيه وقلت في نفسي وداعا ايها الياهو.........

هناك 4 تعليقات:

  1. الأخ العزيز كمال،
    البحث عن الصداقة في هذا الزمان أضحى كالبحث عن طائر العنقاء، والصداقة التي تنبني على المصالح ليست صداقة هي لا أقل ولاأكثر من تواطئ، بمجرد ما تنقضي المصالح، تدخل الصداقة في غيبوبة أبدية وموت سريري.
    تحياتي

    ردحذف
  2. ترى هل هذه القاعدة تنطبق على الكل .؟
    لا أعتقد.هذه الكلمات كنت أرددها دائما مع نفسي . ولكن الحق أقول, ان هنالك اصدقاء واصحاب تتشرف بصحبتهم, فتجدهم دائما السباقون الى الخير وتجدهم امامك في اوقات الشدة. ولكنهم مع الاسف قليلون جدا, تكاد لاتميز لهم أثراقرب اصدقاءالمصالح المؤقتة.
    فأذا حظيت بأحدهم فحافض عليه ياصديقي عبد القادر...شاكرا لك تواصلك معي.

    ردحذف
  3. أخي الكريم..
    ألا تعتقد أن الاحتلال كشف الكثير من الحقائق والوجوه التي لم نكن لنعرفها؟؟

    وجه العالم كله تغير!

    ردحذف
  4. يا صديقتي ان النفوس تكشف عن حقيقتها عند المحك, كالذهب تجدين الصائغ يحكه ليتأكد من أصالته,فاالاحتلال كان هو المحك لنا.فتجدين النفوس تجلت عن ما في مكنونها,رأينا الاخ يقتل اخيه اللذي كان يشاركه السراء والضراء من أجل أعتبارات طائفية وقومية وحتى عشائرية.ورأينا أصحاب النفوس الضعيفة من يسرق تراث بلده ليبيعه بأبخس الاثمان,ومن ينهب ممتلكات المؤسسات الحكومية وحتى ان لم يكن يحتاج اليها.فأن تكن النفوس قد تغيرت,فأن الاحتلال كان هو المحك ليس الا.....

    أما قولك ان وجه العالم كله تغير, فهو رد فعل للواقع المعاصر..فلاتجدين العلاقات الحميمة بين الاصدقاء كسابقتها.فبدلا مايذهب الصديق لزيارة صديقه تجده يستغني عن ذلك بمكالمته بالموبايل, وبدلا من ان ينشد من الصديق ملأ فراغ له فأنه يستعيض عن ذلك بالمحطات الفضائية المتنوعة.وبدلا من ان يحرص الصديق على المحافضة على صديقه فأنه لايبالي عن الأستغناء عنه بمئات من الاصدقاء بالانترنيت . فكلامك صحيح أن وجه العالم كله تغير.. وشكرا لك على مشاركتي في بعض افكاري وارجو لك التوفيق

    ردحذف